بقلم : هشام زكريا
عندما كنت طالبا في الصف السادس الابتدائي وكانت السنة الأولى لنا بعد الهجره والعودة من التهجير تقريبا عام 77 أو 1978، وأثناء الطابور الصباحي ، وكنت رائد الفصل ، يعني بوقف الفصل في الطابور وبنظم المسافات وكده .
ـ فجأه جاء مدرس حساب ـ رياضة يعني ـ وقال لي انت بتتحرك كتير ليه داخل الطابور ، قلت له : بثقة رائد الفصل وبوقف الطلبه يا استاذ ، معرفش ليه معجبوش الكلام وطخ ضربني بالقلم على وجهي ، وتقريبا حصل لي انهيار شديد في البكاء وتركت الطابور وطلعت الفصل .
ـ أولا : لأني كنت طالب شاطر جدا والكلام ده هيؤذيني في الفصل .
ـ ثانيا : أني فعلا معملتش حاجه غلط .
ـ المهم : طلع عدد كبير من المدرسين واعتذروا ، ورفضت من يومها أمسك رائد الفصل ، وأصبح هذا المدرس بالنسبة لي يمكن أكتر شخص ممكن اكرهه في حياتي، خاصة أنه لم يحاول أن يراضيني ، أو حتى يستجيب للمدرسين ، بأني طالب شاطر جدا ولم افعل أي حاجه غلط .
ـ مر الزمن وكنت في عام 92 تقريبا وفقا لتعيين الحكومه مدرسا في مدرسة بنات، وكان عندي طالبه مستواها على قده ، وكانت من ضمن طالبات تم استدعاء اولياء امورهم .
ـ وإذ فجأة وفي مكتب ناظره المدرسة وجدت هذا المدرس أمامي ،هو لم يعرفني بالتأكيد ، لكن كنت عارفه كويس جدا ، وبدأت ناظرة المدرسة تعرفه الاستاذ فلان ، ولسه هتقولي استاذ فلان ، قلت لها : الاستاذ فلان اهلا وسهلا بحضرتك ، ومع دهشة الرجل ، عرفت ان بنته طالبه عنده ، وواضح انها مطلعه عينه ، وانتعشت أن الزمن أخيرا جابه لغاية عندي .
ـ فسألني انت تعرفني منين ، فقلت له : تفتكر مرة في سنة كذا ضربت طالب على وشه والطالب ده طلع تقريبا ضمن اوائل المحافظة في المرحلة الابتدائيه ، وساب الطابور ومشي ، الرجل صمت قليلا ، وقال أه …قلت له أنا !!!
ـ المهم لمحت في عينه ، نظرة حزن وتوتر يصل إلى درجة دموع خفيفة ، أخذته في حضني وقبلت رأسه أمام ناظرة المدرسة اللي كانت مش فاهمه حاجه خالص ، وقلت له أنت استاذي ، والحقيقة أنك عملت عندي عقده جامده ، وهي فكرة الكراهية اللي كنت اعتبرها شئ صعب في نفس البني آدم .
ـ واطمأن تماما والحمد لله ربنا قدرني مع بنته ، الطالبه الخايبه ، أن تكون في أحسن وافضل حال .
ـ ارجوكم : لازم تعرفوا أن الأيام دول ، وإن الصغير مش هيفضل طول عمره صغير ، بلاش تنشروا الكراهيات ، وانشروا المحبة ، لا تتكبروا ولا تغتروا ولا تثقوا في الأيام …فدروس الحياة كثيرة جدا !!
#شاي_العصاري