رحل الفنان القدير حسن حسني، إثر أزمة صحية مفاجئة لينقل بعدها إلى مستشفى دار الفؤاد قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بها ليرحل عن عمر ناهز 89 عاما، تاركآ مكتبة عملاقة من الأعمال الفنية والتي تضم 163 فيلم،و122 مسلسل، و28 مسرحية تخليدآ لذكراه .
وعلى الفور تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى دفتر عزاء كبير، نعاه من خلالها العديد من جمهور ومحبي الفنان الراحل، كما حرصت مجموعة كبيرة من الفنانين على رثائه بكلمات مؤثرة .
وولد الفنان “حسن حسني” في حي القلعة لأب مقاول مباني، توفيت والدته وهو في السادسة من العمر، تلقى تعليمه في مدرسة الرضوانية الإبتدائية وحصل على شهادة التوجيهية عام 1956 ولم يكن خاليا من المتاعب والمواقف الصعبة والمفاجآت التي غيرت مجرى حياته .
وعشق “حسن حسني” التمثيل الذي عبر عنه على مسرح المدرسة، ويذكر أنه قدم دور “أنطونيو” في إحدى الحفلات المدرسية وحصل من خلالهِ على كأس التفوق بالمدرسة الخديوية، كما حصل على العديد من ميداليات التقدير من وزارة التربية والتعليم، فيما حصل على شهادة التوجيهية عام 1956.
وكانت مسيرة “حسن حسني” الفنية مليئة بالمحطات والتجارب التي أثقلت موهبته الكبيرة، ففي البداية انضم إلى فرقة المسرح العسكري التابعة للجيش، وكان أكثر ما يؤلمه في تلك الفترة عدم وصولهِ إلى الجماهير على نطاق واسع
حتى صدر قرار بحل المسرح العسكري عقب هزيمة الخامس من يونيو وقتها شعر “حسن” بالانفراج ليبدأ رحلة البحث عن فرصة لإظهار الموهبة.
وبعد قرار حل فرقة المسرح العسكري انتقل”حسن حسني” إلى مسرح الحكيم الذي شهد خطواته الأولى، فقدمت عليهِ مسرحيات عديدة منها مسرحية عرابي مع المخرج نبيل الألفي، ومسرحية المركب اللي تودي مع المخرج نور الدمرداش، وغيرها من المسرحيات التي حققت صدى طيبا لدى جمهور المسرح“.
وكان لنجاح “حسن حسني” في هذه المسرحيات سببا في انتقالهِ إلى المسرح القومي ثم المسرح الحديث، الذي حقق من خلالهِ نجاحا آخر في حياتهِ المهنية، أهله للعمل في مسارح القطاع الخاص في بداية عقد السبعينات، حين انضم لفرقة تحية كاريوكا، التي عمل فيها لمدة 9 سنوات، قدم خلالها أجمل مسرحياته على حد تعبيره وفي مقدمتها روبابيكيا وصاحب العمارة.
ومع بداية الثمانينات فتحت استوديوهات دبي وعجمان أبوابها للنجوم المصريين، وكان من بينهم حسن حسني، ونظرا لكثرة تنقله بين استديوهات عجمان ودبي لأجل تصوير العديد من الأعمال الفنية هناك وقتها أطلق عليه أصدقاؤه لقب “الممثل الطائر“
وعلى الرغم من ابتعاد “حسن حسني” عن المسرح طوال تلك السنوات، إلا أنه عاد للمسرح في منتصف عقد الثمانينات، عندما قدم مع فنانة المسرح المعتزلة سهير البابلي ومع صديق عمره الفنان حسن عابدين مسرحية ع الرصيف، التي دعمت نجوميته لدى الجمهور المصري والعربي على حد سواء وقدم أيضا في عام 1985 المسرحية الفكاهيه اعقل يا مجنون مع الفنان الكوميدي الكبير محمد نجم.
وكانت بداية “حسن حسني” سينمائياً من خلال دور صغير للغاية في فيلم الكرنك الذي قدمه نور الشريف وسعاد حسني وإخراج علي بدرخان عام 1975، إلا أن دوره في فيلم سواق الأتوبيس الذي أخرجه عاطف الطيب في عام 1982 كان علامة فارقة في حياتهِ المهنية والفنية، حيث لفت إليهِ الأنظار كممثل قادر على أداء أدوار الشر تحديدا بشكل مختلف.
وفي التسعينيات التي شهدت انطلاق “حسني” إلى النجومية في عالم السينما والانتشار المكثف ليتحول إلى عامل مشترك بين العديد من الأفلام وعمل مع كبار المخرجين ومنهم عطف الطيب، ومحمد خان، ورضوان الكاشف ولقب بـ “تميمة الحظ ” لكل افلام الشباب
وكان عام 1993 عاما مميزا في تاريخ “حسن حسني” الفني، ففي الوقت الذي سافر فيهِ إلى سوريا ولبنان لعرض مسرحية جوز ولوز التي كان يشارك في بطولتها، كانت لجنة تحكيم مهرجان السينما الروائي في القاهرة تعلن عن فوزهِ بجائزة أحسن ممثل، متفوقاً على فاروق الفيشاوي ومحمود حميدة الذين نافساه على الجائزة في ذلك العام. وقتها كان المعتاد منح الجوائز لنجوم الفن ممن يحملون لقب “فتى الشاشة” أو “الجان“.
وفي نفس العام أيضا فاز “حسن حسني” بجائزة أحسن ممثل في مهرجان الإسكندرية السينمائي عن فيلم فارس المدينة، ليتنبه الجمهور والنقاد لموهبة “حسن حسني”، الذي أعلن أن دخوله السينما كان “على كبر” كما يقول المصريون .
منذ منتصف عقد التسعينات بدأت مرحلة جديدة في حياة “حسن حسني” كان أكثر مايميزها مشاركته في أفلام الشباب التي بدأت في تلك الفترة، إلى الحد الذي قال عنه البعض أنه بمثابة شهادة الأيزو لتلك الأفلام التي لا تخلو من وجودهِ فيها، بدءا من أفلام محمد هنيدي وانتهاء بأفلام حمادة هلال .
وللكوميديا مكانة مميزة في حياة “حسن حسني” يقول عنها: “أحب الكوميديا الخفيفة المعتمدة في الأداء على الموقف، وهذا أحد أسباب مشاركتي الشباب تلك الأفلام الكوميدية، أما السبب الآخر فهو رغبتي في تأمين تكاليف المعيشة، قد يلومني البعض على المشاركة في أعمال دون المستوى، ولكنني أريد تأمين نفسي ضد تقلبات الأيام“.
وتعد أعمال الفنان “حسن حسني” حزمني يا، رأفت الهجان، بوابة الحلواني، المغتصبون، المواطن مصري، القاتلة، السيد كاف، سارق الفرح، ناصر 56، لماضة، من العلامات الفارقة في مشواره الفني. ويبقى “حسن حسني” “قشاش السينما والفيديو والمسرح”، وإن كان الأخير قد تراجع من قائمة اهتماماته بسبب انشغاله في السينما، فكان آخر ما قدمه هو لما بابا ينام الذي توقف عرضه بسبب وفاة الراحل علاء ولي الدين.
وفي الألفية الثانية وبالرغم من بداياته التي جسد فيها أدوار الشر، إلا أن “حسن حسني” اتجه للأدوار الكوميدية مع بداية الألفية الثانية ولاسيما مع الوجوه الشابة حتى أن بات تميمة الحظ للنجوم الشباب مثلما حصل عام 2002 مع محمد سعد في فيلمه اللمبي الذي حقق وقتها إيرادات تعد الأعلى حينذاك في تاريخ السينما المصرية.
وكانت آخر أعماله هو مسلسل سلطانة المعز الذي عُرض في رمضان 2020.
وتُوفي الفنان “حسن حُسني” في فجر يوم السبت الموافق 30 مايو 2020 الموافق 7شوال 1441ه إثر أزمة قلبية مُفاجئة وذلك داخل مستسفى دار الفؤاد بالقاهرة.
حسن حسنى تميمة الحظ لـ محمد يس