بمناسبة زيارة السيد الرئيس للصين للمشاركة فى قمة منتدى الحزام والطريق ، يستحسن أن نلقي ولو قليلا من الضوء على هذا الممر الجيوستراتيجي التجاري الهام
أولا: ما هو طريق الحرير، وأين يمر، ولماذا سمي بهذا الاسم ؟
يرجع تاريخ إنشاء طريق الحرير القديم إلى عام 3000 قبل الميلاد ، وهو عبارة عن مجموعة طرق قديمة كانت تسلكها السفن والقوافل البرية لنقل البضائع من الشرق الأقصي حتي روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية مروراً بالشرق الأوسط و بالعكس ويصل طوله إلى أكثر من 12 ألف كيلومتر ، وأشهر هذه البضائع هو الحرير الذي تم استخدامه في بعض الفترات كعملة تبادل
ومن هنا جاءت تسميته بـ طريق الحرير ، حيث أن الصين كانت أول دولة في العالم تزرع التوت وتربي ديدان القز وتنتج المنسوجات الحريرية وتنقلها لشعوب العالم عبر هذا الطريق ، لذا سمي طريق الحرير نسبة إلى أشهر سلعة تنتجها الدولة التي أطلقته.
أما المشروع الحالي فهو إعادة إحياء للطريق القديم تحت مسمى طريق الحرير الجديد ، ثم أطلقت الصين عليه مبادرة الحزام والطريق كونه يشمل جزءأ بريا ( الطريق) وجزءا آخر بحريا (الحزام) ، وهو يمر بـ 65 دولة ، وافقت 50 منها حتى الآن على إعادة احياؤه ، حيث يبدأ طريق الحرير من الصين ويمر عبر تركستان وخراسان وصولا إلى غرب أوروبا وشمال ووسط أفريقيا ، وهو بذلك يربط قارات آسيا بأوروبا وإفريقيا باستثمارات تصل لتريليون دولار في 90 مشروع في 60 دولة تتنوع بين طرق و كباري و ممرات ،
حيث تمتلك الصين الآن 40% من اجمالي حجم التجارة العالمي ، و تسعي لتوسيع شبكة أسواقها و مصادر وارداتها بعيدا عن سيطرة «الأسطول السابع» الأمريكي على مضيق «مالاكا – Strait of Malacca» البحري ، وهو الممر المائي الذي يقع بين ماليزيا و سومطرة الأندونيسية ، ويصل بين بحر«أمدان» في المحيط الهندي و بين بحر الصين ،
و يعد الممر الأساسي لتزويد كلا من الصين و اليابان بالنفط ، و يعد أيضاً الممر الرئيسي لصادرات الصين للعالم ، ولكن تكمن مشكلة هذا المضيق أنه تحت سيطرة الأسطول السابع الأمريكي ، وبالتالي تستطيع أمريكا خنق الصين من خلاله في حالة وجود صراع ، و بالتالي يمثل «طريق الحرير» الجديد فرصة واعدة للصين لإيجاد بدائل وتوسيع تجارتها مع العالم بعيدا عن التهديد الأمريكي .
ولذلك ، فقد سارعت الصين – ضمن مشاريع طريق الحرير – بمد خط غاز يمر عبر «ميانمار» التي دعمتها الصين في مواجهة مسلمي الروهينجا ، و بدأت في انشاء ” الممر الإقتصادي الصيني الباكستاني إلي بحر العرب ” و هو عبارة عن شبكة طرق ضخمة باستثمارات تقدر بـ 50 مليار دولار و يمر جزء منه في منطقة «كشمير» ، و بالتالي تستطيع باكستان مد الصين بالوقود بعيداً عن «مضيق مالاكا».
وفي اطار هذه المبادرة ، فقد أنشأت الصين البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، بجانب إنشاء صندوق طريق الحرير بقيمة 40 مليار دولار وصندوق الدعم للتعاون بين دول الجنوب، وتقدم دعما بالأموال للدول والمناطق المعنية .
ومع التطور المتزايد للقطارات السريعة بين الصين وأوروبا والتجارة الإلكترونية على طريق الحرير، تم تطوير وإطلاق الإمكانيات التجارية للدول المشاركة من عام 2013 إلى عام 2018، فارتفع حجم التجارة السلعية بين الصين والدول المشاركة من 04ر1 تريليون دولار أمريكي إلى 27ر1 تريليون دولار أمريكي، وازدادت نسبة حجمها من 25% إلى 4ر27% من إجمالي حجم التجارة السلعية للصين ، وازداد حجم صادرات السلع من مصر إلى الصين بنسبة 5% سنويا
ولهذا فقد أصدرت الصين ومصر بيانا تؤيد فيه مبادرة الحزام الاقتصادى لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن الحادى والعشرين
. ثانيا: ما هو طريق الحرير الجديد أو ممر الشمال – الجنوب ؟
يعود هذا المشروع إلى خريطة تم وضعها عام 2000 لإنجازه من قبل إيران والهند وروسيا، إلا أن العقوبات المفروضة على كل من طهران وموسكو حالت دون إتمام بناء ممر (الشمال – الجنوب) الذي يتكون من خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية.
وينقسم مشروع طريق الحرير الجديد (الحزام والطريق) إلى محورين رئيسيين:
الطريق البحري أو الممر المائي ويبدأ من مدينة «فوجو» في الصين وعدد من الموانئ الصينية ويمر عبر فيتنام وأندونسيا وبنجلاديش والهند وسيريلانكا وجزر المالديف ثم الساحل العماني والاماراتي واليمني وصولا إلى جيبوتي بشرق أفريقيا ، متجها إلى البحر الأحمر ماراً بـ «قناة السويس» ومنها إلى البحر المتوسط نحو أوروبا .
والطريق البرى، والذى يضم 6 ممرات برية، هى:
الجسر البرى الآوراسى الجديد الذى يمتد من غربى الصين إلى روسيا الغربية…
ممر الصين/ منغوليا/ روسيا ويمتد من شمال الصين إلى شرق روسيا …
ممر الصين/ آسيا الوسطى/ آسيا الغربية يمتد من غرب الصين إلى تركيا…
ممر الصين/ شبه جزيرة الهند ويمتد من جنوب الصين إلى سنغافورة…
ممر الصين/ باكستان ويمتد من جنوب غرب الصين إلى باكستان…
ممر بنجلاديش/ الصين/ الهند/ ميانمار ويمتد من جنوب الصين إلى الهند.
وقد عُقد فى العاصمة الأذرية «باكو» 9 أغسطس 2016 اجتماعٌ على مستوى رؤساء دول روسيا – إيران – أذربيجان للاتفاق على إحياء اتفاقية مايو 2002 بين روسيا – الهند – إيران، التى رسمت خارطة لمشروع ممر الشمال- الجنوب لربط شبكة نقل البضائع بين جنوب آسيا بشمال وغرب أوروبا عبر طريق بطول 7200 كم، يمتد من مدينة مومباي الهندية بطول الساحل الغربى لبحر قزوين وصولا إلى روسيا مرورا بإيران وأذربيجان ، ومنه إلى شمال وغرب أوروبا ثم يدور دورته ليصل إلى الهند مجددا عبر«#قناة_السويس» التي تعود لترتبط بريًا بوسط آسيا وروسيا.. (لاحظ هنا أن خط السير بقناة السويس أثناء رحلة العودة فقط).
ممر الشمال – الجنوب هو ممر بري بحري دولي يصل طوله إلى 7200 كيلومتر، ليربط شمال أوروبا بالهند، والخليج العربى
– ماذا تعرف عن مبادرة الحزام والطريق ؟ لـ حسام غراب