بقلم : هشام زكريا
لم نعد نثق في قدرتنا على حل مشاكلنا ، نعيش دائما في دائرة مغلقة نطلق عليها مجازا ـ داخل خط النار ـ الناس معبأة بالعديد من المخاوف ، الأمراض تنتشر بشكل كبير ، ضغط وسكر وسرطان واكتئاب وحديثا الكورونا وغيره ، أكثر من 80 % من الأمراض سببها نفسي ، وعلاج أكثر من 80% من الأمراض بالعامل النفسي ، وكما كنت اسمع دائما الطبيب وهو يحدث صديقي الذي رحل من سنوات قائلا له : حب الحياة !!
جزء كبير من المشكلة أننا لا نملك القدرة على كسر حالة الاكتئاب والألم الذي نعيشه طوال اليوم ، حاول تشوف كده شكل الناس وهي نازله العمل صباحا ، او في المواصلات العامه ، أو حتى في نهاية اليوم وهم جالسين على المقاهي أيام ما كان في مقاهي ، من كم الشكوى والمخاوف ، الملامح حزينه ، الوجوه عابسه ، الابتسامة إن وجدت فاترة!!
أنا لا أملك سيارة ، وحياتي ما بين القاهرة والإسماعيلية ، وهو ما يعني أن نصف حياتي على الطريق ، كنت أذهب متألما ومكتبئا وعندي حالة شديدة من الإعياء ، بعد أن أركب العديد من المواصلات الداخلية ، ما بين مشوار واقف ، وآخر داخل علبة سردين ، أو جو مشحون بالعدائية والمشاكل بين الناس وبعضهم.
كنت اعتبر السفر والمشوار المستمر حالة من ” الهم ” و” العبء” ، ينعكس ده على بقية اليوم سواء كنت بالقاهرة أو الإسماعيلية ، كنت أشاهد الناس في الغرب قاعدين في المترو ماسكين كتاب حتى ساعة الوصول ، اتابع بعض الشباب شايل حقيبة على كتفه ومستمتع بسماع أغنيه وسط الزحام الخانق ، وعندما قررت أن أحول هذا الهم اليومي والمتواصل من حالة عبء إلى متعه وهدوء واستمتاع ، فكنت اسمع الهيدفون أحيانا واغاني لفيروز ، فابتسم وانتعش ، واحيانا اخرى امسك كتابا بسيطا واجلس بجوار الشباك استمتع بالمشاهد والهواء ، واقرأ صفحة أو اتنين ، احفظ كلمه انجليزي من كتاب كيف تتعلم الإنجليزيه بدون معلم ، اقرأ صفحة من القرآن حتى نجحت مع الوقت في ختم القرآن وهذا لم يكن يحدث إلا في رمضان ، غيرت الحقيبة ووضعت حقيبة على كتفي فيها احتياجاتي فقط ، على الرغم أن عمري تجاوز الـ 54 واقترب من 55.
المهم في التجربة أنني نجحت في تحويل السفر الذي يأكل نصف اليوم إلى حالة من الهدوء والسعادة والاستمتاع بتفاصيلها ، خف عني تعب القلب ، ولم اعد اشعر بآلام القدم ، وانخفضت مساحات الاكتئاب من وجهي وأصبح هناك طاقة تقاوم على الحياة.
المهم ..اكسر حالة الجمود ، لأن أمر الله نافذ ” وخلق الانسان في كبد ” حول كل معاناة إلى جملة إيجابية في حياتك ، امنح نفسك الطاقة للتعامل مع مفردات الحياة التي لن يغيرها غيرك ، جرب أن تواجه أي مشكلة بأن تقطعها قطع كبيرة ومتوسطة وصغيرة وتعامل مع كل واحده الأهم فالأقل اهميه ، وثق أن الحياة ستكون أكثر احتمالا ،وستكون قادرا على الابتسام حتى لو كان في داخلك جبال من المتاعب والآلام …
صباحكم وعي #وأول_فنجان_قهوة